التربية الدينية في الطفولة.. حماية فكرية وأخلاقية لمواجهة تحديات العصر

في ظل تصاعد التحديات التربوية وتزايد المؤثرات الخارجية التي تواجه الأجيال الجديدة، أكدت الدكتورة دينا أبو الخير على أهمية التربية الدينية المبكرة، مشيرة إلى أن تعويد الأطفال على أداء العبادات قبل سن البلوغ يشكل "رحلة مباركة" تثمر قلوبًا معلقة بالله منذ نعومة أظفارها.
جاء ذلك خلال حديثها في برنامجها "وللنساء نصيب" على قناة صدى البلد، حيث أوضحت أن أداء الأطفال للعبادات مثل الصلاة والصيام قبل بلوغ سن التكليف الشرعي له أجر عظيم عند الله، رغم أنهم غير مطالبين شرعًا بالالتزام الكامل في تلك المرحلة.
وأشارت إلى الحديث الشريف للنبي محمد صلى الله عليه وسلم: "رُفع القلم عن ثلاثة، منهم الصبي حتى يحتلم"، مبينة أن هذا الرفع يعني إعفاء الأطفال من الحساب على الأخطاء أو السيئات، لكن الأجر والثواب محفوظ لهم.
الوعي الديني لدى الطفل
وأضافت الدكتورة أبو الخير أن هذا النهج التربوي لا يقتصر فقط على أداء العبادات، بل يعزز التعلق الروحي والوعي الديني لدى الطفل، ما يشكل قاعدة صلبة لمواجهته تحديات الحياة بقوة الإيمان والطمأنينة.
تهيئة لا إلزام.. ولكنها عادة تبقى
وأكدت أن الشريعة الإسلامية لم تلزم الطفل بالعبادة، لكنها حفّزت أولياء الأمور على تعليمه ومساعدته على الاعتياد، من باب التهيئة والتحبيب، لا من باب الفرض أو العقاب. وتابعت: "حين ينشأ الطفل في بيئة تحترم العبادة وتمارسها دون تكلف أو توتر، تصبح الطاعة جزءًا من حياته، وترافقه بسلاسة عند البلوغ، فلا يشعر أنها عبء أو أمر جديد يصعب عليه".
القدوة أولًا.. التربية تبدأ من البيت
وشددت على أن القدوة داخل المنزل تلعب الدور الأكبر في ترسيخ السلوكيات الدينية، مشيرة إلى أن الأطفال غالبًا ما يتعلمون بالملاحظة أكثر من الأوامر. وتساءلت: "كيف نأمل أن يصلي الطفل إن لم ير والديه يُقيمون الصلاة؟ أو أن يصدق إن سمع الكذب في البيت؟".
وأردفت: "ما يراه الطفل كل يوم يتحول إلى معتقد داخلي، فإذا رأى في والده التزامًا وأخلاقًا، صار ذلك النموذج الأعلى في ذهنه".
التأخير في التربية الدينية يخلق فجوة يصعب سدّها
وحذّرت من الانتظار حتى مرحلة المراهقة لتعليم العبادات، واصفة هذا التأخير بأنه "خطر تربوي حقيقي"، لأن هذه المرحلة تميل بطبيعتها إلى التمرد ورفض التوجيه، مما يجعل التأسيس المتأخر عرضة للفشل، ويُشعر الأهل بالعجز، رغم نيتهم الطيبة.
الطاعة في الصغر.. زادٌ للقلب والعقل
واختتمت الدكتورة دينا أبو الخير حديثها بالتأكيد على أن تعويد الطفل على الطاعة منذ الصغر ليس فقط مسألة دينية، بل هو أسلوب لبناء شخصية متوازنة، تعرف معنى الالتزام، وتحمل في داخلها احترامًا للنظام والمسؤولية، مشيرة إلى أن هذه التربية المبكرة هي الخطوة الأولى نحو جيل أكثر وعيًا وصلابة في مواجهة الفتن والتغيرات المجتمعية.