عاجل

ما حكم وضع كاميرات المراقبة في الأماكن الخاصة والعامة؟

كاميرات المراقبة
كاميرات المراقبة

أوضحت دار الإفتاء المصرية أنه لا يجوز شرعًا بأي حال من الأحوال تركيب كاميرات المراقبة في الأماكن التي تُعدّ انتهاكًا للخصوصية وحرمة الأفراد، كدورات المياه وغرف تبديل الملابس ونحوها.

أما استخدام الكاميرات داخل الأماكن الخاصة، مثل البيوت، بنية التجسس على الأشخاص دون علمهم، فهو محرم شرعًا، إلا في الحالات التي يُجيزها القانون ويحددها التشريع.

في حين أن تركيب الكاميرات في الأماكن العامة، كالشوارع، والمحال التجارية، ومداخل البنايات السكنية، أو في أماكن العمل، بهدف منع الجرائم، وضبط الأمن، ومراقبة حركة المرور، أو مراقبة الأداء والانضباط؛ فهو أمر جائز شرعًا، لا سيما إذا كان ذلك منصوصًا عليه في القوانين المعمول بها في البلاد
حكم وضع كاميرات المراقبة في الأماكن الخاصة والعامة

أولًا: تعريف كاميرات المراقبة ومجال استخدامها


كاميرات المراقبة هي أجهزة تصوير تُثبت في أماكن معينة لتسجيل ما يحدث فيها بالصوت والصورة، بهدف الرجوع إلى هذه التسجيلات عند الحاجة. ويختلف حكم استخدامها باختلاف الغاية من وضعها والمكان الذي توضع فيه.
ويُقصد بـ”الأماكن العامة” المواقع التي يرتادها الناس من مختلف الفئات دون اختصاص ملكيتها بشخص معين، كالشوارع والحدائق والهيئات الحكومية. أما “الأماكن الخاصة” فهي التي تعود ملكيتها أو الانتفاع بها لأشخاص بعينهم، كالمنازل أو غرف تبديل الملابس.

ثانيًا: الضوابط الشرعية في استخدام الكاميرات
الأصل في استخدام الأشياء هو الإباحة، ما لم تُستخدم في معصية أو ترتب عليها مفسدة. وقد قررت الشريعة الإسلامية قواعد كبرى منها: أن الأمور بمقاصدها، وأن درء المفاسد مقدَّم على جلب المصالح، وأن حفظ الضروريات الخمس – الدين، النفس، العقل، النسل، والمال – من أهم مقاصد الشريعة. فما كان وسيلة لحفظ هذه الضروريات فهو من المصالح، وما أفضى إلى الإضرار بها فهو من المفاسد.

وقد ذكر الإمام الغزالي في “المستصفى” أن كل ما يؤدي إلى حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة، وكل ما يؤدي إلى ضياعها فهو مفسدة يجب دفعها.

ثالثًا: حكم وضع الكاميرات في الأماكن الخاصة

وضع الكاميرات في الأماكن الخاصة، كالمنازل أو غرف تبديل الملابس، بهدف التجسس أو التلصص على خصوصيات الناس، هو أمر محرَّم شرعًا، ويمثل انتهاكًا صارخًا لحرماتهم، خاصة إذا تم التصوير في مواضع يتخفف فيها الأشخاص من ملابسهم، كما هو الحال في بعض المحلات.
وهذا الفعل يُعد خيانة وغدرًا بالناس، لا سيما إذا استُخدمت هذه الصور والمقاطع في أغراض غير أخلاقية أو تم تداولها، مما يفضي إلى نشر الفاحشة وهدم البيوت واتهام الأبرياء.

وقد أجمع الفقهاء على حرمة النظر إلى العورات إلا لضرورة كالعلاج، على أن يكون الكشف بمقدار الحاجة فقط.
قال الفقهاء من مختلف المذاهب:
• الحنفية: “لا يحلّ النظر إلى العورة، إلا عند الضرورة” (ابن مازة).
• المالكية: “يجب ستر العورة إلا لضرورة، فإن وجدت فالانكشاف بقدرها” (الصاوي).
• الشافعية: “لا يحل النظر إلى العورة إلا لحاجة مؤكدة كخطر فوت عضو أو مرض شديد” (الغزالي).

ولا يُبرر الحرص على المال أو منع السرقة بأي حال انتهاك عورات الناس وتصويرهم في هذه الحالة، إذ توجد وسائل بديلة لحماية الأموال، كاستخدام أنظمة الإنذار أو تعيين مراقبين لغرف الملابس.

رابعًا: حكم وضع الكاميرات في الأماكن العامة

أما في الأماكن العامة كالشوارع، والمحلات، ومداخل العمارات، فإن وضع الكاميرات يعتبر جائزًا شرعًا، خاصة إذا كان بأمر وليّ الأمر أو الجهات المعنية.
وذلك لما في ذلك من حفظ الأمن، وتقليل معدلات الجريمة، وضبط المخالفات، ومحاسبة المتجاوزين.
وهذا الاستخدام لا يُعد تجسسًا، بل يدخل في باب التنظيم وضبط النظام العام، ويُعد من المصالح المعتبرة شرعًا.

وقد أشار الفقهاء إلى جواز تتبع من تُظَن فيهم الجريمة إذا كانت هناك أمارات ودلائل قوية تستدعي ذلك:
• الملا علي القاري: نبَّه إلى فساد الناس عند تتبع عوراتهم بغير مبرر.
• ابن حبيب والماجشون: أجازا تتبع قطاع الطرق واللصوص في أماكن تواجدهم.
• النووي وابن حجر الهيتمي: أكدا أنه لا يجوز التجسس إلا في حالة غلبة الظن بوقوع جريمة لا يمكن تداركها إلا بالكشف عنها

تم نسخ الرابط